بينما كان قادة الاحتلال يحلقون في أحلامهم الشيطانية بعيداً بعيداً، ويتحدثون عن ضرورة الاعتراف يهودية الدولة قبل بدء المفاوضات رافعين بذلك سقف أوهامهم لأبعد مدى، وبينما كانت التهديدات الصهيونية تتصاعد ضد قطاع غزة بحرب جديدة، جاءت الصدمات واهتز الكيان بالثورات العربية، فالقاهرة التي أعلنت منها وزيرة خارجية العدو تسيبي ليفني شارة البداية للحرب ضد غزة 2008م، باتت القاهرة اليوم هي من يعلن شارة البداية للزحف نحو القدس وتحريرها وزوال الكيان الصهيوني.
إن شعار "يهودية الدولة" كان من أهدافه جمع اليهود من جميع أنحاء العالم تحت راية عقيدة كاذبة محرفة، وهو مؤشر عن خطة الكيان الصهيوني المستقبلية لطرد أبناء فلسطين من وطنهم بزعم الحفاظ على نقاء الدولة اليهودية, يستوي في ذلك فلسطينيو أراضي 67 وأراضي 48، كما أن الاعتراف بـ"يهودية الدولة" هو إلغاء لحق عودة اللاجئين الفلسطينيين، وإنهاءه بالرغم من القرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 11/12/1948، والداعي إلى عودة اللاجئين الفلسطينيين في أقرب فرصة ممكنة والتعويض عن الأضرار التي لحقت بهم جراء اللجوء القسري.
إلا أن شباب الأمة عادت إليهم الثقة، وشاهدوا من أنفسهم أن بأيديهم القدرة على التغيير وصناعة النصر، انطلقت الدعوة إلى مسيرات العودة الفلسطينية أو الانتفاضة الفلسطينية الثالثة على موقع "فيسبوك" في يوم 15 مايو عام 2011م (الذكرى 63 للنكبة) للعودة إلى فلسطين, بل واعتمد المتظاهرون في مسيرة العودة على القرار الأممي 194 الذي يَنصُ على حق الشعب الفلسطيني بالعودة إلى القرى والمدن التي هُجروا منها نتيجة لحرب 1948، مع التأكيد على سلمية المسيرة، وبلغ عدد المشتركين في الصفحة التي دعت إلى المسيرة أكثر من 300 ألف عضو، فيما اتهم صاحب الصفحة تلاعب موقع فيسبوك بأعداد المشتركين الأمر الذي أثبته الواقع في يوم المسيرة، كما سبق أن أغلق موقع فيسبوك صفحات أخرى بعد طلب مباشر من وزير الإعلام الصهيوني بإغلاق فوري لصفحة الانتفاضة الفلسطينية الثالثة باعتباره عمل تحريضي، بالرغم من تأكيد القائمين على المسيرة بأنها سلمية، استمر الإغلاق واستمر الفتح لصفحات أخرى ومواقع بنفس الهدف والغرض.
وفي اليوم المحدد انطلقت المسيرات في قطاع غزة باتجاه الداخل الفلسطيني وفرقت المسيرة بعدما أطلق جيش الاحتلال القذائف والرصاص، وفي الضفة الغربية نحو القدس واندلعت المواجهات عند حاجز قلنديا، وفي لبنان نحو بلدة مارون الرأس، وكان الرد الصهيوني عنيفاً حيث ارتقى 10 قتلى و60 جريحاً على الأقل، وفي سوريا احتشد المتظاهرين في الجولان ليرتقي 4 قتلى برصاص جيش الاحتلال، وفي الأردن اتجه المتظاهرين نحو بلدة الكرامة بمشاركة نشطاء من تركيا والبرازيل والدنمارك وغيرها، وفرقت المسيرة بالقوة، أما مصر ولظروفها فقد اقتصرت المظاهرات أمام سفارة الاحتلال، والعريش، وغيرها من المدن، كما لم تقتصر المسيرات على الدول المحيطة بفلسطين المحتلة بل امتدت المظاهرات المطالبة بعودة الفلسطينيين إلى إيطاليا، و بريطانيا، و تركيا، واليونان.
لقد وجد الكيان الصهيوني نفسه أمام حصار حقيقي، إنه حصار أصحاب الحقوق، إنها حقائق الأرض لا أوهام ووعود طاولات المفاوضات، حتى قال "آلوف بن" رئيس قسم المراسلين بصحيفة هآرتس العبرية في مقال له: "إذا ما قرر الفلسطينيون الخروج في مظاهرات بالآلاف إلى البلدة العتيقة، فإن إسرائيل لن تتمكن من السيطرة عليهم، ولن يتمكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من وقفهم حتى لو ارتكب مذابح على غرار العقيد معمر القذافي".
السفيرة الصهيونية السابقة بالأمم المتحدة غابرييلا وصفت الحالة التي وصل إليها الكيان فقالت: إن مكانة "إسرائيل" بالأمم المتحدة في أسفل الحضيض، أما قائد الجيش الصهيوني فقد طالب بالاستعداد لحروب على جميع الجبهات.
إن الكيان الصهيوني يترنح و يهتز وإن قادته يدركون قبل غيرهم أن نهاية دولتهم قد اقتربت وإن خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما، مساء الخميس، 19 أيار، 2011م والذي أكد فيه على أمن الكيان الصهيوني وشدد على أن "الالتزام الأميركي بأمن إسرائيل لا يهتز"، مؤشر على الخوف الكبير والمصير المجهول الذي ينتظر هذا الكيان، لم تستطع أمريكا حماية مبارك ولا من قبله ولا من بعده، لقد أيقن شباب الأمة أن إرادة الأمة أقوى من إرادة أمريكا.
ينبغي المضي في هذه الأفكار وتطويرها، والسعي لتوسيع نطاقها شيئاً فشيئاً، وكما يوصى المقاتل في ميدان المعركة ألا يتخلى عن سلاحه، فإن الوصية لهؤلاء الشباب ألا يتخلوا عن سلاحهم في ميدانهم وهو التوثيق بالصورة والفيديو وبثه ونشره بل وترجمته، وينبغي الحرص على توسيع مشاركة المتضامنين الأجانب، ووسائل الإعلام والمراسلين والصحفيين من جميع أنحاء العالم، والتأكيد على سلمية الأفكار والوسائل، وعدم انحراف البوصلة بتوجيه المعركة إلى داخل الأمة مهما بلغت الاستفزازات والتجاوزات.
نتحرر بادن الله :lol!: